المدينة و القرية في شعر صلاح عبدالصبور (من خلال ديواني أحلام الفارس القديم و الناس في بلادي)

تعدّ ثنائية المدينة و القرية من الظواهر البارزة في الشعر العربي المعاصر، وقد تجلّت بشكلٍ لافتٍ للانتباه في أعمال عبدالمعطي حجازي و صلاح عبدالصبور الذي نحن بصدد دراسته؛ حيث ذاق هذا الشاعر كثيراً من المرارة في كنف المدينة، ممّا أثارت في نفسه نوعاً من الغربة الذاتية، و الشعور بالحزن وبالضّياع، فجاءت قصائده تعجّ بنفوره من عالم المدينه وجوّها القاسي، في مقابل حنينه الدائم إلى القريه. وعلى هذا، نتأمل في هذا المقال موقف عبدالصبور من المدينة و القرية من خلال ديواني أحلام الفارس القديم و الناس في بلادي لنرى كيف تعامل الشاعر مع هذه الثنائيه؛ فهذه دراسة توصيفيةٌ تحليلية تعالج الموضوع هذا من خلال عشر قصائد، فنراه عند معالجته موضوع المدينة ينقم على وجهها الحضاري المصحوب بالظلم و القهر وكذلك ينقم على طبيعه الحياه في المدينه، لأنها تتسم بالأنانيه والفرديه، فكلّ فردٍ من أفرادها يسعى لخدمة مصالحة الشخصية، فالصداقة مفقوده، والحب مقتولٌ في مجتمع المدينة المادي، ولا قيمه للإنسان ما لم يكن من أصحاب النفوذ أو المال، لذلك نراه متأرجحاً بين حاله الهروب من المدينه و الحنين إلى القريه، وبين العودة إلى المدينة.