چكيده فارسي :
لا مجالَ للشَّكِّ في اَنَّ دراسةَ اللُّغةِ العربيَّةِ هي الاَساسُ الرَّصينُ لِدراسةِ الحضارةِ العربيَّةِ والتَّعمقِ في فهمِ العالمِ العربيِّ. والمعروفُ عن اللُّغةِ العربيَّةِ اَنَّها اَغنى اللُّغاتِ السَّاميَّةِ واَرقاها؛ لاَنَّها تتَّصفُ بكثرةِ المترادفاتِ, فضلاً عن المرونةِ والقدرةِ على صياغةِ المشتقَّاتِ مِن الفاظِها مع سهولةِ التَّعبيرِ الدَّقيقِ داخلَ اِطارٍ مِن سموِ البلاغةِ وسحرِ البيانِ, وحسبُ اللُّغةِ العربيَّةِ اَنَّها لغةُ القرآنِ الكريمِ الذي وُصِفَ لسانُهُ باَنَّهُ لسانٌ عربيٌّ مبينٌ. وبفضلِ طبيعةِ اللُّغةِ العربيَّةِ وغِناها وقدرتِها على النَّحتِ واشتقاقِ اللَّفظِ المُعبِّرِ ومجازاتِها المتنوِّعةِ واعرابِها الذي يعدُّ من صفاتِها الموهلة في القدمِ, في حينِ اَنَّ سائرَ اللُّغاتِ الساميَّةِ فقدتِ الاِعرابَ, استطاعَتْ بكلِّ جدارةٍ اَنْ تكونَ اَداةً صالحةً للتَّعبيرِ عن اَعظمِ حضارةٍ عرفَها العالمُ اَجمعُ في العصورِ الوسطى؛ لاَنَّها لم تقفْ عاجزةً امامَ علومِ اليونانِ والفرسِ واليهودِ وغيرِهم مِن اَصحابِ الحضاراتِ بل عبَّرَتْ عن علومِهم بما فيها مِن معانٍ ومصطلحاتٍ لم يكنْ للعربِ معرفةٌ بها من قبلُ تعبيراً عِلميّاً دقيقاً, وهكذا ذبلَتْ اللُّغاتُ السِّريانيَّةُ والقبطيَّةُ وغيرُها امامَ اللُّغةِ العربيَّةِ, في حين انكمشَتْ اللُّغةُ الفارسيَّةُ ولم تعدْ اَكثرَ مِن لغةِ الكلامِ والنِّقاشِ في فارسَ بعدَ اَنْ استخدمَ اُدباءُ الفرسِ وعلماوُهم العربيَّةَ في الكتابةِ والتَّاليفِ وتدوينِ ما تفتَّقَتْ بهِ قرائحُهم في ظلِّ الاسلام, والقرآنُ الكريمُ هو اَكبرُ برهانٍ على اَنَّ اللُّغةَ العربيَّةَ لغةُ حضاراتٍ بل هي اَعظمُ اللُّغاتِ شاَناً واَرفعُها منزلةً, فقد تضمَّنَ القرآنُ العزيزُ اعظمَ القيمِ الانسانيَّةِ قدراً ورفعةً, باَرفعِ اُسلوبٍ عجزَ البشرُ على اَنْ ياْتوا بمثلِهِ ولو كانوا بعضُهم لبعضٍ ظهيراً.