نحو صيرفة اسلامية معقولة الاحكام

يلاحظ العامل والباحث في القطاع المصرفي الاسلامي ان بعض الاجتهادات الشرعية الناظمة له غيرُ معلل وغير معقول المعنى، مع ان فروع الفقه، في غير فقه العبادات، الاصل فيها التعليل، اي ربطها بحكمة ومصلحة ظاهرة، يفهمها العقل ويتقبلها، كما هو معلوم في الفقه الاسلامي. والواقع ان بعض صور الاجتهاد المعاصر في فقه الاموال، ولا سيما فقه الصيرفة الاسلامية بصورته الحالية، قد اوغلت في فك الارتباط بين الحكم وعلته (بمعنى الحكمة المراعاة فيه)، حتى غدت الاحكام الشرعية لبعض تطبيقاته تورث الحيرة والاضطراب في اذهان الدارسين والعاملين والمتعاملين في عالم المصرفية الاسلامية. وهكذا لا يُفهم وجهُها ولا تُعلم غايتُها، وبعضها ياباه العقل والمنطق السليم، وكان دخول هذا الحقل صار يتطلب تعطيل العقل، بل وكان فقه المصارف اليوم صار كفقه العبادات في عدم التعليل وكون احكامه تتطلب مجرد الامتثال. في ضوء ما سبق يحلل البحث هذه الظاهرة الغريبة عن روح الفقه الاسلامي، ويستقرئ اثرها في حكم علماء الشريعة المعاصرين على معاملات وعقود الصيرفة والتمويل الاسلامي بالتحريم او بالتحليل. وننطلق في هذا المسعى من مقولة ان اعادة قراءة الفتاوى الصادرة بشان الاعمال المصرفية بربطها بعلل الاحكام الفقهية الاصلية، وتعليل غير معلوم العلّة منها، ستفتح الذهن على وجوه جديدة تستدعي اعادة النظر في كثير من الاحكام الحالية الناظمة تحريماً وتحليلاً للعمل المصرفي الاسلامي