ما بين علم الوقاية وسد الذرائع: مقاربة مقاصدية بالتركيز على تعاطي المخدرات والموثرات العقلية

علم الوقاية من العلوم البينية التي التي تسعى الى فهم الظواهر ومعالجة المشكلات بصورة شمولية تحبط يتعقيد بنيتها وتنوع ابعادها وذلك من زوايا متعددة تتكامل فيها المعطيات الاكثر من علم. وهو علم حديث النشاة لا يتجاوز تاريخ ظهوره بوصفه علما ذا هوية خاصة بداية التسعينيات او اواخر الثمانينيات من القرن العشرين. وقد دعا الى ظهوره ما شهدته المجتمعات الانسانية خلال النصف الثاني من القرن العشرين خاصة من معضلات اجتماعية وامراض وبائية وكوارث بيئية. الامر الذي استدعي ضرورة النظر لا فقط في سبل علاج تلك المعضلات والاوبئة والكوارث والتحكم في آثارها والتخفيف من حدة وقعها، وانما كذلك في طرق الوقاية منها والتدخل لمنع حصولها بالتحكم في اسبانها. ومن ناحية اخرى، تعتبر سد الذرائع من اهم القواعد التشريعية الاسلامية التي تركز غائيا واجرائيا على الحيلولة دون حصول اي فعل او حدث من شانه الحاق ضرر او فساد بحياة الفرد والمجتمع ماديا كان او معنويا. ويندرج سد الذرائع في اصل كبير من اصول الشريعة هو اعتبار المآلات الذي لا يكتفي في التعامل مع الظواهر الاجتماعية والمشكلات الانسانية بالاقتصار على اوضاعها الحاضرة، بل الاهم من ذلك انه ينظر في امكانيات تطورها وما تسفر عنه من نتائج في المستقبل، اتساقا في ذلك مع منظومة مقاصد الشريعة التي تدور حول صلاح الانسان والمجتمع بما فيه جلب للمصلحة ودرء للمفسدة. وبذلك يلتقي كل من علم الوقاية ونظرية سد الذرائع في الغاية الاساسية والنهائية لهما، الا وهي حماية المجتمع افرادا وجماعات في الحاضر والمستقبل، وهذه هي الاطروحة الاساسية التي سعت هذه الدراسة الى بلورتحا. ولما كانت المخدرات من المشكلات المعضلة التي اصابت المجتمعات المعاصرة ولم يزل خطرها في استفحال، فقد راى الباحثان ان تكون الحالة العملية للنظر في كيفية التعامل معها في افق تكاملي بين علم الوقاية وسد الذرائع.