اثَرُ تغيُّر قيمة العُملة الحادِّ في وفاء الدُّيون

شهدت بعض العملات تغيّراً فاحشاً في قِيمها بسبب الحروب او الاضطرابات الداخلية، وكثر التساول موخراً عن حكم سداد الديون التي جرت بتلك العملات، ولا سيما في الدول التي شهدت ثورات داخلية طال امدها مثل سورية واليمن، حيث ادت تلك الثورات الى انخفاض شديد في عملات بلدانها على نحو اورث اضطراباً وتردداً في الحكم في مسالة سداد الديون. والحق ان مسالة التغير الفاحش في قيَم العملات هي اهمَّ المسائل الاقتصادية في عصرنا بالنظر الى طبيعة النقود المتداولة في زماننا، فهي نقود اصطلاحية لا قيمة لها في ذاتها، بل هي ورق تافه لا قيمة له لولا ان الناس اصطلحوا على اعطائه قيمة ومعاملته معاملة الاثمان. وهذا يجعل نقود زماننا عرضة اكثر من اي نقد تعامل به الناس من قبل للتقلب الشديد في قيَمِها على نحوٍ يثير قضايا شرعية خطيرة تتعلق بوفاء الديون. وقد صدر قرار عن المجمع الفقهي سنة 1988م بعدم اعتبار قضية تغير قيمة العملة في وفاء الديون، ثم اُكدّ هذا القرار بآخر لاحق سنة 1993م، لكن كلا القرارين صدر في وقت لم يشهد الانخفاض الشديد الذي شهدته بعض العملات بعد صدورهما، فقد فقد الدينار العراقي اكثر من 90% من قيمته بعد غزو العراق سنة 2003، وكذا كان حال الليرة السورية موخراً، وبسبب ذلك اضطربت الفتاوى الصادرة في قضية التعامل مع هذه الحال، ولم يصدر قرار مجمعي جديد. وهذا يستدعي بحث المسالة من جديد بحثاً علمياً تفصيلياً بغية الوصول الى الحكم الشرعي الذي يتماشى مع مقصد العدل ورفع الظلم من مقاصد التشريع الاسلامي.