الموازنة في المصالح والمفاسد، طريقاً الى التمكين في السياسة الشرعية

يظهر هذا البحث اهمية الموازنة بين المصالح والمفاسد، مسلكاً للتمكين في حكم بلاد اسلامية، في عصرنا الحاضر، بلاد غاب عنها تطبيق الشريعة قرنا ونيِّفاً من الزمان، فتكون الموازنة في جلب المصالح ودرء المفاسد، حلاً عظيم النفع، لدفع الصدام، بين ما استقر من باطل وفساد ومعاصٍ في المجتمعات الاسلامية، وبين احكام الدين؛ اذ لا يمكن تطبيق احكام الدين كلها، مرة واحدة في زمن قصير، على مجتمعات تعاني غربة حقيقة مع الاسلام، كما انه لا يمكن تعطيل الشريعة، وإقرار الحكم بغير ما انزل الله تعالى. فيترك دفع المفاسد، اذا ترتب على دفعها مفاسد اكبر، ويترك تحصيل بعض المصالح، اذا ترتب على تحصيلها مفاسد اكبر من مفسدة تركها، ويجري هذا في شتى مناحي الحياة، من علاقات دولية، واقتصاد خارجي وداخلي، وإعلام، وقضاء، وجيش، وفن، وسياحة، ورياضة، وغيرها. والمو ا زنة – بهذا التفصيل- انما تشرع عند عدم القدرة على اتباع النصوص الشرعية المحللة او المحرمة؛ فالسياسة في الاسلام، تراعي الواقع المعيش، وتتفاعل معه، وتعالجه معالجة واقعية عاقلة، من خلال التدرج والتانيس ورعاية الحال والمآل، وهذه هي عناصر الموازنة في المصالح والمفاسد، التي يقدم البحث تاصيلاً لها، مع تطبيقات معاصرة عليها.