منهج ابن حزم الاندلسي في كتابة جوامع السيرة النبوية -عرض ونقد-

تناول هذا البحث تعريفًا بابن حزم الاندلسي، وهو ابو محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم الظاهر الاندلسي، واشهر مولفاته كتابه جوامع السيرة النبوية؛ اذ قدّم من خلاله رسالة موجزة لكنها شاملة عن نشاة النبي ﷺ ونسبه وذكر آبائه واجداده واصحابه الذين ابلوا معه في اقامه الدين، وما رافق هذه الدعوة من احداثٍ ومغازٍ وحروبٍ واتفاقاتٍ ومعاهدات...وما الى ذلك، محاولاً - رحمه الله- الابتعاد عن كثرة الروايات في ذلك، ومتجنباً الغرائب والشواذ من المرويات والاخبار، اضافة لايراده تلك السيرة الزكية بتسلسل خلاب وترابط جذَّاب، كانما يسوق لنا قصة متكاملة، ذات تناسق وانسجام وحلقات يكمل بعضها بعضاً، وتجعل القارئ لهذا الكتاب يسير معه، ويعيش موضوعاته بكل كيانه، فلا يسعه ان يدعه حتى ياتي عليه جملة وتفصيلاً، مُسلماً بما فيه - على الغالب- وراغباً بمعاودة قراءته والتعمق باخباره التي يطمئن القلب لها ولا يكاد يرفض شيئاً منها... الا ان الكمال لله وحده - تبارك وتعالى- حيث سنقف قليلاً معه مما قد ينتقد عليه، وهو على ايِّ حال, نزرٌ يسير الى جانب ما فيه من خيرٍ كثيرٍ وعلمٍ وفير, وكان منهجنا بذلك الاعتماد على المنهجين الاستقرائي والتحليلي النقدي بعد رجوعنا الى المصادر الاصيلة؛ لما في السيرة من اهمية بعد كتاب الله وكان من اهم النتائج . براعة الامام ابن حزم الظاهري –رحمه الله- وسعة اطلاعه، وحسن انتقائه، فيما يختص بمرويات السير والمغازي، حيث ثبت لدينا اعتماده للصحيح منها وتقديمه لها على غيرها الا في القليل النادر الذي لا يقاس عليه، اذ الحكم للغالب. ودقة منهج الامام ابن حزم –رحمه الله- في تناوله لمجريات السيرة ضمن جوامعه والذي امتاز بما قلَّ ودلَّ، واظهاره لحكمه على بعض ما روي في السير والمغازي كعدم احتجاجه بالمرسل فيما نص عليه بنفسه في ثنايا كتابه ذاك.