المرجعيات الفكرية للاسماعيلية من منظور الجابري

اعتبر المفكر العربي محمد عابد الجابري ان المرجعيات الفكرية التي استندت عليها الاسماعيلية في تشييد عقيدتها وبنائها الايدولوجي تتلخص في ثلاث مرجعيات هي: رسائل اخوان الصفا، وفلسفة ابن سينا، وعقائد الدولة الفاطمية. وعلاقة الاسماعيلية بالمرجعيات السابقة تبدو ملتبسة وغامضة، وتحتاج الى بحث معمق لاثبات هذه العلاقة. حيث لا يوجد اي اشارات مباشرة داخل الرسائل يقطع باصلها الاسماعيلي. كما ان ابن سينا بسبب اقامته لبعض الوقت في بغداد، لم يجاهر يوما بعقيدته الاسماعيلية. وبخصوص الدولة الفاطمية فقد اعتنقت العقيدة الاسماعيلية في اغلب عصورها، مع وجود حقب كانت منزاحة للعقيدة الاثني عشرية. وتعنى هذه الدراسة باستجلاء العلاقة بين العقيدة الاسماعيلية والمرجعيات الثلاث السابقة. ويذهب الجابري الى ان الرسائل لها جذور هرمسية واضحة كان لها تاثيرها الواضح في الاسماعيلية. ولا تخلو فلسفة ابن سينا من جذور عرفانية ورثها من الفارابي وفلسفة الصدور الافلوطينية. واذا كانت رسائل اخوان الصفا قد تواجدت في الفضاء الفكري الاسلامي قبل نشوء الدولة الفاطمية، فان فلسفة ابن سينا قد تشكلت عندما كانت الدولة الفاطمية في اوج قوتها بعد احتلالها لمصر في العام 358 هجري. وهكذا فان ابن سينا قد ساهم في نقل العقائد المتضمنة في الرسائل وتضمينها في ايديولوجيا الدولة الفاطمية. وعندما نتكلم عن ايديولوجيا الدولة الفاطمية فاننا نضع بالاعتبار ان هذه الايديولوجيا قد اسهمت بشكل كبير في الفكر الاسماعيلي الذي لم يتخذ صيغته الناضجة الا بعد تحققه السياسي في الدولة الفاطمية. وهذه المسالة تنطبق ايضا على الرسائل، والتي اعيد تاويلها بالشكل الذي يجعلها متطابقة مع الخطوط العامة للايديولوجيا الفاطمية. وهكذا، فان العلاقة بين الرسائل والاسماعيلية والدولة الفاطمية وفلسفة ابن سينا تصبح علاقة متشابكة متبادلة التاثير.