الفضاء العمرانيّ وتاثيره على العنف في المدن المعاصرة مدينة عنّابة انموذجًا

تناقش هذه المساهمة العِلميّة -في حدود ما يسمح به المجال المتاح لها- تاثير الفضاء العمرانيّ، الّذي يضمّ المناطق السّكنيّة العموديّة، على سلوك الافراد الّذين يسكنون به، بحيث تتاثّر مختلف جوانب حياتهم بهذا النّمط العمرانيّ الجديد، الّذي تشكّل من تطبيق مفاهيم مستوردة، نابعة من نظريّات وتجارب غربيّة، في مجال البناء والتّصميـــــم، وتعمّدت هذه الدّراسة تسليط الضَّوء بنحوٍ رئيس، على مدى ملاءمة هذا النّمط العمرانيّ لساكــنيه في مــدينة عنابة، من خلال تحـليـل الــبيئة المعمـاريّة للمســاكن، بسماتها الخاصّة في التّـشكيل، والتّكوين والعناصر، وما تفرزه من خصائص اجتماعيّة خاصّة بالسكّان، تظهر في نطاق سلوكاتهم، وعلاقاتهم التّجاوريّة والاجتماعيّة، ولانّ العنف كظاهرة استــــفحلت في المدن الجزائريّة، بحيث زادت حدّتها في السّنوات الاخيرة، فقد اصبح موضوع العنف محور نقاش على مختلف الاصعدة، فهو الشّغـــــل الشّاغـــل للـــــدّولة وللجميع، نتيـــــجة انتشاره في كـلّ مـكان، الامـر الذي دفعَ الباحثة لـرصد الظّاهــــرة، وبحث جوانبها المُتعدّدة، والوقـــــــوف على تداعــياتها في هـذه المناطق السّكنيّة الّتي تتمــيّز بالطّابع العمرانيّ الجديد.وتخلــص الــدّراسة الى الاستنتاج، بانّ الـنّمــط العمرانيّ العموديّ، لم يـراعِ خصوصيّة السّكّان الثّقافـيّة والاجتماعية؛ ممّا ولّد لديهم بعض المـشاعر السّلبيّة، الّتي تكرّس الاحساس بالاقصاء واللاامن، وبذلك شجّع هذا النّمط العمرانيّ على مظاهر العزلة الاجتماعيّة، ممّا افقد الافراد صلات التّرابط والتّلاحم فيما بينهم، وافرز جملة من السّلوكات السّلبيّة، الّتي انتجت بدورها بعض الانحرافات، الامر الّذي ادّى الى انعدام الامن والامان في هذه المناطق السّكنيّة، وتوصي الباحثة بالعمل على الحدّ من انتشار نمط العمران العموديّ؛ وذلك بايجاد انماط عــمرانيّة بــديلة، مخطط لها بــيئيًّا واجتماعيًّا، لتوظيفها في المناطق السّكيّنة الجديدة، اضافة الى دراسة الـبعد الاجتماعيّ، خلال عمليّة تصميم هذه المناطق السّكنيّة، وتشكيلها بالمقاييس الّتي تساعــد على التّفاعــــل الاجتماعيّ بين السّكّان، بحيث تحقّق متطلّباتهــم الاجتماعيّة والنّفسية؛ وذلك للقـضاء على مظاهــر السّلوكات السّلبيّة.