الالفاظُ الدَّالةُ على حِرفة النسج في القرآن الكريم دراسة دلاليّة

لمّا كانََ اللباس اهم الحاجات للانسان بعد الطعام، كانت حِرفة النسج، او صناعة الملابس والتفنن بها من اوسع الحِرف؛ ولهذا نرى القرآن الكريم يهتم بها اهتمامًا كبيرًا، اضافة الى هذا الاهتمام فانّ القرآن الكريم اهتمّ بجانب آخر وهو ان يستوحي من الالفاظ الداّالة عليها معاني بديعة، فذكر مواردها، ومصنوعاتها، كما ذكر عدّة انواع من مصنوعات النسج، ممّا يقوم دليلًا قويًّا على اهمية هذه الحِرفة، او الصناعة من المنظور القرآنيّ. من ابرز النتائج التي توصّلتْ اليها الدراسة هي : 1- انّ القرآن الكريم كما يضمُّ الفاظًا عقديّة وشرعيّة، وسلوكيّة كذلك يضمُّ الفاظًا دنيويّة ذات سمات حضاريّة، وثقافيّة، وعلميّة توكد على انّ الاسلام هو عبارة عن عقائد، وسلوك، وثقافة، وحضارة، وتطوّر، فهو دين ودنيا يحرص على سعادة البشريّة جمعاء. 2- انّ القرآن الكريم يستقي كثيرًا من المعاني من واقع المجتمع الانسانيّ، ويعتني باساليب الحضارة ورقيّها معتمدًا على تقديم الفائدة لعامّة البشر، ومن هذا المنطلق احتوى على مجموعة من الالفاظ التي تدلُّ على شتى الحِرف التي تخدم المجتمع البشريّ، ومنها حِرفة النسج. 3- وردت حِرفة» النسج» في القرآن الكريم في سياقات عديدة من الموقف الكلاميّ بدلالات مباشرة، وغير مباشرة ترشح منها صور فنيّة بديعة تعجب السامع، وتبهر الناظر . 4- انّ عرض القرآن الكريم للحِرف ومنها حِرفة» النسج» جاء من منطلقين، وهي التي تشكّل ظاهرتين من الاستعمال، اولهما: توظيفها لنفسها. وثانيها: توظيفها لخدمة التصوير الفنيّ لمواقف بيانيّة بديعة تترك الانسان عاجزًا ومندهشًا امامها، كما نلاحظ في استعارة نقض المراة لغزلها لنقض الايمان، وغير ذلك من تصاوير ذات الحركة والجمال. 5- وبما اّنّ القرآن الكريم صورة تعكس المجتمع العربيّ فقد اكّد الاستعمال القرآنيّ لالفاظ حِرفة النسج انّ المجتمع العربيّ القديم لم يكن خاليًا منها، وان كانت النسبة ضئيلة، وحينما جاء القرآن الكريم احدث فيهم انقلابًا ملموسًا فنهضوا بها.