الطبيعة القانونية للعناصر المكونة للجريمة الدولية

قد يكون من المفيد هنا- اي في هذا العمل - المقارنة بين الجريمة الدولية وكذلك الداخلية من خلال العناصر الاساسية لكل منهما، فوفقا للمبادئ العامة للقانون الجنائي المقارن فان هذه الجرائم تتقاسم العناصر الآتية: العنصر المادي والذي يتكون من ثلاثة اجزاء السلوك والنتائج الاجرامية واخيرا الرابطة السببية. ان هذا العنصر يلعب دور المفتاح في العديد من الجرائم الدولية كما هو الحال في الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، بينما يكون دوره ضعيفا في الابادة. اما العنصر الثاني فهو العنصر النفسي او المعنوي والذي يمثل بحق العامل المشترك في كلا النوعين من الجرائم؛ اي الدولية والداخلية معًا. وحيث ان العلم والقصد هما اساس هذا العنصر. وفيما يتعلق بالجريمة الدولية فان هذا العنصر يظهر بجلاء في جريمة الابادة، ووفقا لهذا العنصر فان انعقاد المسوولية الجنائية سواء في القانون الداخلي او الدولي تتطلب تحقق حالة ذهنية محددة لدى الفاعل المفترض للجريمة، والتي تصاحب الفعل غير الشرعي الايجابي منه والسلبي. وفيما يتصل بالركن او العنصر الثالث الواجب تحققه في الفعل فهو ما يطلق عليه ركن الشرعية، وبالنسبة لبعض فقهاء القانون الدولي يطلق عليه الركن الدولي؛ ذلك انه لاجل تكييف فعل ما كجريمة دولية من عدمه لا بد من ان يكون الفعل محظورا عليه سواء كان الحظر منصوصًا عليه في معاهدة دولية او من ميثاق دولي او من خلال وثائق دولية مكتوبة. فالتجريم في القانون الجنائي الدولي او الوطني يرتكز على مبدا قانوني مهم، وهو لا جريمة الا بنص مكتوب بمعنى ان النصوص غير المكتوبة او اللجوء للقياس في التجريم امر لا يعتد به في القانون الجنائي.