المسائل الخلافيّة البلاغيّة... باعثٌ ذاتيٌّ، واعتراضٌ مخفيٌّ

على غرار ما الفناه في النحو العربيّ من المسائل الخلافيّة التي اذكتها روح المنافسة بين العلماء لتفسير الظواهر النحويّة ممّا اعترض الجملة العربيّة نجد انّ علم البلاغة الف هذا النوع من المسائل ايضاً ولكنّها لم تاخذ العناية المطلوبة من العلماء؛ كونها تعلّقت بعكس ما تعلّقت به المسائل النحويّة من موقع اللفظ الذي كان يبدو اكثر ثباتاً في الجملة العربيّة، واعتماد نظريّة العامل التي حاولت ان تقدّم تفسيراً مقبولاً- الى حدّ ما- للنظام الموقعيّ الذي تسير عليه الجملة- افتراضاً-، في حين انّ المسائل الخلافيّة البلاغيّة تعلّقت بالمعنى الذي كان اعصى ما يكون على الضبط ولا سيّما في النصّ القرآنيّ المنفتح على قراءات متعدّدة، فاذا ما نظرنا الى البلاغة على انّها علم خادم للنصّ القرآنيّ استشعرنا حجم المعاناة في قضيّة ضبط الخلافات البلاغيّة برمّتها. ومهمّتنا في هذا البحث محاولة استقصاء الظواهر اللافتة للانتباه التي اخذت حيّزها من النقاش العلميّ في عصور التاليف البلاغيّ، وتبويبها ضمن موضوعات تحاول ان تجمع البواعث الذاتيّة لهذه المسائل؛ ليكون عملنا في هذا البحث مقدّمة لعمل علميّ لاحق يجمع كلّ جزئيّات الموضوع بشكل اوسع- عند حدوث فُسحة من الوقت- كونه يمثّل واحداً من الموضوعات البلاغيّة المهمّة التي نُسيت في موجة الاهتمام بموضوعات اخرى.