عنوان مقاله :
التعرف على اساليب التنشئة الاجتماعية لعينة من اطفال البصرة (بحث ميداني مقارن)
پديد آورندگان :
الاسدي, سنان سعيد جاسم جامعة البصرة - كلية الفنون الجميلة, العراق
چكيده عربي :
عندما يولد الطفل البشري يكون محاطا برعاية من هم أكبر منه سنا ، وخاصة أولئك الذين كانا السبب في وجوده، الأبوان اللذان يكونان الأسرة، والأسرة (هي الخلية تعبر عن وحدة المجتمع وشمولية وتوازن حركته) (9 – 170) وهي (اللبنة الأولى التي تعمل على تطبيع حياة الإنسان بطابعها الخاص، وهي الوسط الذي يصبغ بلونه حياة الإنسان العقلية والاجتماعية والاخلاقية والجمالية) (11 -99 -100).وهي(وحدة اجتماعية تبعث عن ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم والاوضاع الاجتماعية ، وتعتبر ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري) (12-354)، وتعتبر الأسرة عماد الوجود المادي لمجتمع النظام المقبول في معظم مجتمعات البشرية تقريبا، فهي العامل الأول في صبغ السلوك بصبغة اجتماعية، وهي التي تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية Socialization وتشرف على النمو الاجتماعي للطفل في تكوين شخصيتها وتوجيهها نحو السلوك الصحيح. (14-222).إن عملية التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة عملية مهمة ضرورية إذ (يتحول خلالها الفرد من كائن (بيولوجي) إلى كائن (اجتماعي) يتعلم ممن سبقوه في الحياة)(28-8)، فقد تكون بعض الأسر صغيرة مقتصرة على الأب والأم وأطفالهما أو كبيرة بحيث تشمل أبناء جيلين أو أكثر، وسواء صغرت هذه الأسر أو كبرت فإنها تقوم بنفس الوظائف الاجتماعية ، وهي وظائف لها خطورتها وأهميتها في حياة المجتمع واستمراره وتطوره لأنها تقوم بوظيفة حفظ النوع البشري. (7-364).وبالنظر للعجز والضعف اللذين يتميز بهما الأطفال الجدد الوافدون إلى المجتمع ، ذلك الضعف الذي يكاد ينفرد به الجنس البشري من حيث طول فترته (فالطفل الإنساني أكثر الكائنات الحية اعتمادا على الآخرين ، ذلك بأن طفولة الإنسان تعتبر أطول فترة عرفتها الحياة)، لذا أصبح من الضروري رعاية هذا الطفل والإحاطة وتوفير العناية به لكي يستمر وجوده ويمكن من الاعتماد على نفسه في إشباع حاجاته. (21-26).إن عملية التنشئة الاجتماعية التي يقوم بها الوالدان هي (إدماج الطفل في الإطار الثقافي العام)، وهي بمثابة الخزين الذي يحتوي على الخبرات البشرية المتراكمة عبر الأجيال والتي يحصل عليها الطفل بفترة قصيرة جدا نسبيا إذا ما قيست بالزمن الطويل الذي مر به الإنسان ليصل إلى ما هو عليه الآن من حضارة. (4-135).ولهذا فإن الطفل البشري يختلف عن صغير الحيوان ن وذلك لأن الأخير يولد وهو فرد ببعض الغرائز الفطرية التي تضمن له البقاء ، فهو ليس بحاجة إلى أن يتعلم أشياء كثيرة ولكن الطفل الإنساني الرضيع لا يمكن أن يصل إلى النضج الكامل إلا بالتأثير الاجتماعي، لأنه يتميز بظاهرة القدرة على التفكير والتعلم. (18-253)وعلى الرغم من اختلاف علماء النفس في إطارهم النظري إلا أنهم يجمعون على أن الخبرات الأسرية التي يتعرض لها الطفل في سنته الأولى من أهم المؤثرات التي تؤثر في نموه الاجتماعي والنفسي، (16-101) كما أن الطفل يمر في هذه السنوات بما يعرف بـ(الفترة الحرجة Critical Period) وهي الفترة التي يكون فيها الطفل مستجيبا حساساً للظروف والمنبهات البيئية لمرحلة العمر التي هو فيها (5-19)، وأن هذا التأكيد على أهمية السنوات الأولى في حياة الإنسان ليس إلا نتيجة أو (محصلة) لما مر به من خبرات مكثفة ومتفاعلة مع ما يملكه من استعدادات في مختلف مراحل حياته.(فالبيئة المحيطة بالطفل – بما في ذلك أسلوب معاملة الآباء – تعتبر عاملا هاما في تشكيل شخصية وتكوين اتجاهاته ونظرته للحياة) (23-81) كما أن لطبيعة العلاقة بين الأبوين تأثير على نمو شخصية الطفل أيضا، فإذا كانت العلاقة تقوم على التوتر والمشاحنات بينهما فإن الطفل يضطرب لتلك الخلافات، وإذا كانت لدى الأبوين أو لواحد منهما بعض الاضطرابات الانفعالية كالكآبة والخوف والقلق فإن من المحتمل جداً أن تنتقل هذه الاضطرابات إليه، فيصاب بعدم الاستقرار الانفعالي كالحساسية الزائدة والخوف والقلق والبكاء والانسحاب من المواقف الاجتماعية وقضم الأظافر. (8-347)لذلك فإن شخصية الأبوين وأسلوب معاملتهما لطفلهما أثر كبير على خصائص وسمات شخصية الطفل وسلوكه الانفعالي، وقد وجد أن الأطفال يجعلون من سلوك الكبار الذين يحبونهم وخاصة الأبوين نموذجا يقتدون به ويحاولون تقليده، (25-334)، وعلى النقيض من ذلك فإن عدم توفر البيئة المناسبة لنمو ذلك النوع من السلوك يؤدي على اضطراب في شخصية الطفل وسوء سلوكه بحيث يصعب تعويضه في المستقبل عما فقده وهذا ما وجده (هارلو) في تجاربه الشهيرة على القردة التي عاشت منعزلة عن القردة الآخرين، إذ رأى انه بعد فوات الفترة الحرجة في نمو تلك القردة يصبح من الصعب عليها تكوين علاقات طبيعية مع بقية القردة التي عاشت مع بعض، (13-51) ، ومما يزيد من اضطراب الطفل تعنيف الوالدان وعقابهما له(27-102) من الأسباب الرئيسة التي تعارض التيارات وتنازع الأهواء في التربية بين الأبوين بحيث تكون الأم مرفقة والأب صارما، (24-95).وقد وجد في كثير من الأبحاث (أن الأم التي تستخدم الطرق الإيجابية في رعاية الطفل كالمدح والتشجيع تنمي لدى طفلها شعورا قويا بالمسؤولية مما يقوم به من سلوك والإحساس بالذنب والأسى عندما يرتكب سلوكا غير مقبول) (5-24)، إن العلاقة بين الأب والأم لها تأثير كبير على الطفل فإذا سادت المحبة والتفاهم والتعاون بين الوالدين فإن الطفل يتأثر بها تأثيرا ايجابيا عندما يحدث له الاستقرار النفسي والسرور (17-187)،(وأن علاقات واتجاهات الوالدين نحو الطفل المشبعة بالحنان والحب القبول تساعد الطفل على حب غيره وتقبل الآخرين والثقة فيهم) (14-225)، وكثيرا ما يخطئ الأبوان في استخدام الإثابة أو العقوبة مع أطفالهم فتأتي النتائج سلبية تؤثر عليهم وعلى أبنائهم وتكون عكس ما يرغبون، والعقوبة الشديدة تترك آثارها السلبية على الطفل فتشعره بالخوف والقلق، (25-491)، وهكذا يكون للأسرة وظيفة بالنسبة للأبناء وهي (القيام بعملية التنشئة الاجتماعية وتلقيهم قيم المجتمع وثقافته وإشباع حاجاته النفسية والاجتماعية) (7-63).كما يتضارب أسلوب تعامل الأب مع أسلوب تعامل الأم ، وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الجانحين كان أسلوب ضبطهم الأسري غير متسق،(2-383-384).أهمية البحث ومشكلته:مما لا شك فيه أن أهمية البحث الحالي، الذي يهدف إلى الكشف عن أساليب التنشئة الاجتماعية في الأسرة العراقية في محافظة البصرة، وأن الأسرة في مجتمعنا لها تأثير كبير على تربية أبنائها ما يفوق تأثير الأسر في بعض المجتمعات الأخرى على أطفالها نظراً لقوة العلاقات الاجتماعية التي تربط بين أفراد أعضاء الأسرة في مجتمعنا مع بعض لأنهم يعيشون عيشة تكاملية لذا يصبح اثر الأسرة في قطرنا بهذه القوة التي نتحسسها عن أبناء هذا المجتمع.والبحث الحالي يحاول الكشف عن الأساليب التي يستخدمها الآباء والأمهات معا، وأن أهمية معرفة أساليب الآباء في التنشئة الاجتماعية كبيرة جدا وخاصة إذا علمنا أن ما يقع من تناقض في أسلوب معاملة الطفل بين الأب والأم له أضرار بالغة عليه، (3-264).كما أن الخلافات بين الوالدين تخلق توتراً يشيع في جو الأسرة مما يؤدي إلى أنماط من السلوك المضطرب لدى الطفل كالغيرة والأنانية والخوف والقلق ،(14-225) ، بالإضافة إلى ذلك فإن الحصول على المواقف الواقعية المنبثقة من الواقع اليومي في حياة الطفل والأسرة والتي يدعم فيها سلوك الطفل بالإثابة والعقاب ، ويكشف دور تحصيل الأبوين التعليمي في تنشئة أبنائهم وقد تبين وجود ارتباط عال بين العامل الثقافي (المستوى التعليمي) ودرجات الاهتمام بالطفل حيث يزداد الاهتمام وتوفير حاجات الطفل وتأمينها عند ارتفاع المستوى الثقافي للوالدين، وأن الأبوين المثقفين ثقافة متوسطة أو مرتفعة يوفران الحد الضروري من الاهتمام والرعاية لطفلهما، (13-290)، ولعل هذا البحث يفيد بعض المؤسسات التربوية والتي لها علاقة بتوجيه الأبوين والأسرة عامة حيث سيوجه أهمية رعاية الأبناء والأساليب السليمة والصحيحة التي يجب أن تتبع في تربيتهم فوسائل الثقافة والإعلام والصحافة وبما يضطلع به من دور فعال لا بد لها من المشاركة في عملية بناء الجيل الجديد.
عنوان نشريه :
ابحاث ميسان