چكيده عربي :
يعتقد الإنسان منذ القدم بوجود قوة غيبية تفوق القوى الموجودة في الكون ولها القدرة على التدخل والتصرف في التغيرات الحاصلة عليه. ونتيجة لفطرة الإنسان ((... فطرت الله التي فطر الناس عليها...)) وضعفه ((...خلق الإنسان ضعيفا...)) وفقره ((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ...)) ظهرت الحاجة لهذه القدرة الغيبية الهائلة ، ولكن جهل الإنسان وعدم قدرته على التفكير الصحيح وابتعاده عن أولياء الله مع وجود القوى الشيطانية التي تحاول تغيير المسيرة الفطرية للإنسان جعلته يعتقد بوجود هذه القوة الغيبية غير المقدور عليها في بعض الأشياء مما جعلته يهرب منها ويتعامل معها بحذر شديد. فكان لكل قوم وقبيلة نوع خاص من الأشياء التي يعتقد بها وبقدسيتها. وقد بقت الأحجار والتماثيل الخاصة مع الحيوانات والأشجار التي يعتقد بقدسيتها سابقاً إلى فترة متأخرة من الزمن مصدر عبادة وتقديس حسب العادات والتقاليد الخاصة بكل مجتمع ٍ أملاً بنيل رضاها. وما قصة السامري واتخاذه العجل للعبادة إلّا نتيجة تأثير اعتقادات الأقوام التي قد سبقتهم ((واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار)) فكان جواب نبي الله موسى((ع)) ((يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ...)) ((إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم ...)) رغم أن ما فعله السامري كان نتيجة الفطنة والذكاء الشديد (( قال فما خطبك يا سامري. قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة ًمن أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي)) . فهذه الأشياء كلها إن دلت على شيء فإنما تدل على الحس الفطري للعبادة وسعي الإنسان الدائم لسد الحاجة ومعالجة الضعف بواسطة معرفة القوة الغيبية والتوسل بقدرتها على التغيير. وبذلك رسم لنا أمير المؤمنين ((ع)) خارطة الطريق ((أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده نفي الصفات عنه)) للوصول إلى حد إشباع الحس الفطري ورفع الحاجة ومعالجة الضعف ونيل سعادة الدارين.