استدعاء الشخصيّات التراثية في شعر تميم البرغوثي ديوان مقام عراق أنموذجاً

عقد الشعراء المعاصرون أواصر علاقة بتراثهم العربي وتميّزت هذه العلاقة بقدر كبير من الاستيعاب والفهم الواعي؛ وهو ما جعل من التراث كائناً حيّاً نابضاً بكل ألوان الحياة في وجدانهم وخاطرهم، ومن ثمّ كان التراث أحد المصادر الأساسيّة التي نهلوا من ينابعه، بما أضفى على تجاربهم ثراءً وتنوعاً. ومن الشعراء الَذين جنحوا إلى استدعاء الشخصيّات التراثيّة ووظَفوها ضمن سياقاتهم الشعريّة الشاعر تميم البرغوثي. اختار البحث شعر تميم البرغوثي ليعبّر عن طبيعة تعامل الشاعر مع تراثه وكيفيّة توظيفه لمعطيات هذا التراث، والهدف من هذه الدّراسة الّتي اعتمدت على المنهج الوصفيّ التحليليّ، هو دراسة الشخصيّات التراثيّة الّتي استمدها الشاعر من التراث، والتعبير عمّا تحمله هذه الشخصيّات من رموز في تصوير حادثة الغزو الأمريكي للعراق. من النماذج الجيّدة في هذا المجال ديوان مقام عراق التي استخدم فيها رموزاً مستمدّة من التراث العربي؛ للإيحاء من خلالها بأكثر أبعاد رؤيته الشعرية، وهنا يتوالد التفاعل بين المدلول التراثي للرمز والمدلول المعاصر له. ظهر لنا من خلال هذا البحث أنّ أبرز الشّخصيّات والرموز الّتي قام الشاعر بتوظيفها هي الرموز الشعريّة مثل المتنبي وبشاربن برد والفرزدق والحلاج والرموز الدينية مثل النبي (ص) والإمام الحسين(ع) وهي رموز تمتاز بعمق الرّؤية وشمولها بما يخدم تجربته المعاصرة التي تبحث في طيّات تاريخها العربي عن عصره الذي يراه مغايراً لإشراق تلك العصور وزهوّها.