چكيده فارسي :
امّا بعد.. فهذا بحث يسير في خطب الزينبيات, حاولت فيه تسليط الضوء على بعض ما ورد من العطاء الادبي لدى نساء آل البيت ع , والوقوف على الفكر النيّر لديهنّ , ومن ثمّ معرفة دور المراة المحمدية في الوعظ والتبليغ , ومواجهة الظلم والطغيان , فضلاً عن معرفة القوّة الحجاجية لهولاء النّسوة الكريمات و ابراز ملكتهنّ البيانية والبلاغية في اظهار الحق ومواجهة الظالمين . وانّي اعلم انّ هذا البحث ليس بدعا في هذا العطاء , فقد تقدّمته بحوث ودراسات متعددة , ولكنّها دراسات شمولية , وكان بعضها يتناول الموضوع من ناحية لغوية , وبعضها يتناوله من ناحية فنية . ولذلك ارتايت في هذ المقام , دراسة النتاج الادبي الزينبي لاحداث ما وراء كربلاء- السبي- من جهة حضور ظاهرة بلاغية مهمة فيه , وهي ظاهرة الفصل فحسب ؛ لانّها تشكل ركنا مهمّا في البلاغة تعدّ من اعظم اركانها . والمراد بالفصل ؛ هو ترابط الجمل بعضها ببعض من دون عاطف , اوانّه الاستغناء عن عطف الجمل بعضها على بعض برابط , وذلك حينما يعرض لها ما يوجب ترك الواو فيها , فان حصل العطف فذلك الوصل . وعلى الرغم من انّ هذين اللونين الفصل والوصل يشكلان ثنائية اسلوبيّة مهمّة تعدّ من اعظم الثنائيات التركيبية في الدرس البلاغي , الاّ انّني اكتفيت في الحديث عن هذا الموضوع ب الفصل فقط , وذلك ابتعادا عن الاطالة في البحث فيما لو تناولت دراستهما معا , وكذلك لدقّة موضوع الفصل وطرافته . ولهذا اللون – اعني الفصل - مواضع عدّة , عرض لها قدماء البلاغيين كالجرجاني والسكاكي والقزويني . وقد فصّل المحدثون القول فيها , وهي عندهم خمسة انواع : كمال الاتصال وكمال الانقطاع وشبه كمال الاتصال وشبه كمال الانقطاع والتوسط بين الكمالين . وما ظهر من هذه الانواع في خطب السبايا ؛ الانواع الثلاثة الاولى . والمراد ب كمال الاتصال ؛ هو اتحاد التراكيب المتتابعة في المعنى , فتستغني عن الروابط الظاهرية حروف العطف بالروابط الباطنية المعاني . ويتمثل هذا النوع بثلاث صور ؛ تكون الجملة الثانية من التركيب جزءا من الجملة الاولى , وهي : التوكيد والبدل والبيان فشانها كشان التوابع في مستوى الافراد ؛ اذ تستغني عن الرابط العطفي باتحادها مع متبوعها . وتترابط هذه الصور فيما بينها ترابطا وثيقا الى درجة يصعب فيها احيانا التفريق بين لون وآخر . امّا كمال الانقطاع فانّه يتمثل بان تاتي الجملتان مفترقتين ظاهرا ومضمونا, ممّا يوجب فيها الفصل . امّا افتراقهما الظاهري ؛ فيكون بمجيء احدى الجملتين خبرا والاخرى انشاءً, في اللفظ والمعنى او في المعنى فقط, وامّا افتراقهما في المضمون, فيكون بغياب الرابط بينهما وان اتفقتا في الشكل -الخبر اوالانشاء-, ولذلك ترك الوصل بين هذه الجمل عند اغلب العلماء . ويعرّف شبه كمال الاتصال : بانّه الاستئناف البياني , وذلك لانّ الجملة الثانية من التركيب , تتعلق بالجملة الاولى من جهة المعنى, بوصفها سببا عنها؛ اذ تكون بمنزلة الجواب عن سوال يتبادر الى الذهن, يستشف من مضمون الجملة الاولى. وبذلك تكون الجملتان مترابطتين دلاليا, ممّا يوجب ترك الوصل بينهما. امّا شبه آمال الانقطاع فيتمثل بان تكون الجملة الثانية كالمنقطعة عن سابقتها, فيترك العطف بينهما لئلا يوهم العطف على آخر غير مراد . وقد تبين لي في هذه الدراسة المتواضعة انّ اسلوبالفصل لون بلاغي دقيق الصياغة صعب المسلك . ولا سيّما نوعه المسمى ب كمال الاتصال وذلك لتداخل الوانه .وقد كانت شواهد هذا اللون - اعني كمال الاتصال - اكثر الوان الفصل حضورا في هذه الخطب لتعدد صوره – الجملة الموكدة وجملة البيان وجملة البدل- , ثم تليه شواهد شبه كمال الاتصال فشواهد كمال الانقطاع وهو ايضا متعدد الصور , ثم تليه شواهد شبه كمال الانقطاع . ولا ريب في انّ هذه النصوص - بعامّتها - تمثل المنطق الجزل والقوة الحجاجية لعقيلة بني هاشم واخواتها في اظهار الحق , والتصدي لاهل الظلم والجور.