الافق التداولي للمصطلح الفلسفي

للمصطلحات اهمية قصوى في عالم الافكار، فهي علاوة على اقتصادها للمعرفة تكشف عن عمق ابداعي وجهد تنظيري، وانتاج المصطلح يخضع لشروط علمية عدة، حتى انه يوجد اليوم فرع معرفي جديد اسمه (علم المصطلح) يتناول اهمية المصطلح وشروط بنائه ونحته ، وعوامل تشكله، واساليب نقله وترجمته ، ومدى حياديته. ومن الاشكاليات الاساسية التي ظهرت في موضوع دراسة المصطلح هو مدى الدقة الحرفية لنقل المصطلح من لغة الى اخرى، ولاسيما ان بعض المفردات تعطي ً خاصاًا من لغة الى اخرى، بل ان للسياقات الثقافية اثراًدلالات غير متطابقة تمام في تشكل المصطلح حتى في اللغة الواحدة، فالمصطلحات التي انتجت في حقبة لها شروطها الخاصة تحمل معها دلالات لا تنسجم كل الانسجام مع حقبة اخرى متاخرة عنها، لتغير السياقات الثقافية . كبيرة في تبيئة المصطلحات لفضائنا ًوالدكتور طه عبد الرحمن قد بذل جهود الثقافي وهو اذ يقوم بذلك انما يمارس عملية واعية بعناصر تشكل المصطلح والسياقات الثقافية والتاريخية الخاصة التي تلقي بظلالها عليه، وهو مجالها التداولي الذي انبثقت في اطاره، فالافكار مرهونة بمجالاتها التداولية، وعليه لابد من ممارسة عملية تقريب عند نقلها الى مجالات اخرى، وهو ما عرف في فكره بالتقريب التداولي، وميزة طه عبد الرحمن انه لا يكتفي بارسال الدعوات العامة بضرورة الحفاظ على الهوية والخصوصية، وانما هو يشتغل على بيان خطوات اجرائية وآليات عملية في طريقة نقل المصطلح وتكييفه مع مجالنا وهو جهد ضخم يكشف عن عبقرية في التنظير مثلما يظهر ذلك بوضوح عند كل من اطلع على كتبه. وهذا البحث هو ورقة بحثية لتسليط الضوء على جانب من جهود طه عبد الرحمن والتعريف بها، ان جهوده اوسع بكثير من دائرة البحث ًخاصة فيما يرتبط بالمصطلح الفلسفي علما الفلسفي.