معايير النحو النص في تائية دعبل الخزاعي(ت 246هـ )

اسهمت الدراسات اللسانية الحديثة بولادة علم جديد يعرف بـ (نحو النص)، اذ يقوم هذا العلم على تجاوز الربط بين اجزاء الجملة الواحدة ،الى الربط بين مجموعة من الجمل، فهو ينبثق من النظرة الكلية للنص من دون الفصل بين اجزائه ، ليظهر – اعني النص – نسيجاً واحداً، وبنية متكاملة ، ومن ثم الحكم على جودة النص ، وحُسن تركيبه.لقد عُنِيَ البحث بالخطاب الشعري بعده ممارسة فنية للكشف عن الجوانب النصية مفيداً مما قدمته الدراسات الغربية والعربية في هذا المجال تلك التي اعتمدت على مجموعة من المعايير التي حددت بسبعة معايير من خلالها يكون الحكم على نصية النص ، وهي: السبك والحبك ، والقصد ، والقبول ، والتناص، ورعاية الموقف ، والاعلام ، وقد وقع الاختيار على نص طالما تردد على السن الناس ، وحفلت به مجالسهم وخطبهم ، وهو التائية الخالدة للشاعر (دعبل بن علي الخزاعي ).وحاولت جاهداً تطبيق هذه المعايير على هذه القصيدة ، مستهلاً البحث بتوطئة تحدثت فيها عن نحو النص بين القدماء والمحدثين ، محاولاً كشف النقاب عن دراسات علمائنا الاجلاء (رحمهم الله) ، واسهاماتهم في هذا المجال ، ولا سيما فيما يتعلق بـ (النص الشعري ) ثم تناولت معيار:(السبك) وكان الكلام فيه على ثلاثة محاور هي عناصر السبك النحوي ، وعناصر السبك المعجمي ، وعناصر السبك الصوتي ، وانضوى تحت كل محور من هذه المحاور دراسة مجموعة من الوسائل التي تسهم في تحقيق هذه العناصر . ثم تناولت معيار (الحبك) ، وكان الكلام فيه على مجموعة من الوسائل التي تسهم في تحقيق الانسجام الدلالي (المعنوي)، كالسياق والربط بين مجموعة من القضايا ثم معيار (القصدية)، وتناولت فيه قصد منتج النص والموضوع الرئيس الذي يدور حوله ، ثم (المقبولية) وهذا المعيار يتعلق بالمتلقي ومدى تقلبه للنص، ثم (التناص) وقد اظهرت فيه تناصّ هذا النص مع نصوص اخرى قرآنية وشعرية ، اما معيار الاعلام ورعاية الموقف ، فلم اتطرق اليهما خشية الوقوع في التكرار ، لانني قد ذكرت ما يتعلق بالموقف والظروف المحيطة بالنص في معيار ( الحبك) عند الحديث عن السياق.ولاُبد من الاشارة هنا الى ان الباحث اعتمد منهج التطبيق اكثر من التنظير ، وذلك ؛ لان طبيعة الدراسة تتطلب ذلك ، فهي دراسة تقوم على اظهار تماسك النص وترابط اجزائه وابرازه بوصفه وحدة متكاملة ولا ريب في ان ذلك يتعلق بتطبيق هذه المعايير على النص.