التواصلُ الحضاريِّ والثقافيِّ بين الفارسيَّة والعربيَّة في منطقة الخليج الفارسيِّ

لاشكَّ أنَّ التلاقح الحضاريّ الّذي تمَّ خلال قرون طويلة بين الحضارتين العربيّة والفارسيّة قد أتى أكله في الأدبين العربيِّ والفارسيِّ؛ فقد أغنى كلُّ واحد منهما الآخر وفتح له آفاقاً جديدة، ما كان لها أن تتيسر لولا هذه القربى. وليس من قبيل المبالغة القول بأنَّ التواصل الحضاريِّ والثقافيِّ بينهما يُعدُّ أنموذجاً متميّزاً على المستوى الإنسانيِّ في مجال التأثير المتبادل الإيجابيِّ والمثمر بين الثقافات البشريّة، الأمر الذي يدلُّ على الأهمية البالغة للدراسات المقارنة بين الأدبين العربيِّ والفارسيِّ وضرورة العناية بها وتشجيعها. أدرك العربُ مبكراً قيمة التواصل الثقافيِّ بين الأمم والشعوب ودوره في تحقيق التلاقح المطلوب لإنجاز التراكم المعرفيِّ الذي يمهِّد لميلاد حضارة جديدة، ففي حالة الحضارة العربيَّة الإسلاميّة كان الإنفتاح على الآخر إيجابيّاً تضافرت خلاله ظروف ذاتيّة كالقيم التي جاء بها الإسلام. وإنصهر فيه الجميعُ من كلِّ دينٍ وجنس ولون، لابديل عن جو الحرية الفكريَّة والسياسيَّة التي ترعى شتّى الأفكار على إختلافها وتنوعها.