التأثيرات المشرقية في عمارة المباني التراثية في النجف

تٌعد دراسة المباني التراثية وعمارتها التقليدية واستجاباتها لمتطلبات البيئة والظروف الجغرافية والحاجات الاجتماعية والدينية وكيفية الحفاظ عليها ، من الموضوعات الهامة التي تبرز الجوانب المشرقة للمدن التاريخية وحضارتها على مر العصور. والنجف كمدينة تاريخية تٌعد رمزا للثقافة والحضارة الإسلامية وعالميتها . لذلك فان عمارتها التقليدية نشأت وقامت على أساس احتياجات الإنسان ومعتقداته وموقفه من الحياة وحضوره في العالم . لذلك جاءت المباني وعمارتها نتاجا للمكان. ولم تكن لتسعى الى الترف ، بل سعت الى ايجاد التكامل بين الوظيفة والمكان . ومع أن الوسط الحضاري النجفي بقي محافظاً في مجالي العمارة والفن على هويته المحلية التي تمتد في عمق التاريخ العراقي لآلاف السنين ، إلا انه تأثر بتلاقي مؤثرات خارجية مختلفة مرَّت على النجف أو نشأت على أرضها وتمازجت خلال الحقب السابقة ، نتيجة لكثرة اعداد الزائرين لها، والمقيمين فيها وتعدد جنسيات ، وعلى الاخص منهم القادمين من بلدان المشرق الاسلامي ، فكان للتأثير والتأثر نتائج أضفت على تلك الهوية طابعاً مميزاً . كما كان للعلاقات التاريخية القائمة ما بين العراق وإيران على مر التاريخ ، وموقع إيران على طريق الحرير، و دخولها الاسلام ، وتشيعها ، اثره الواضح في نمو تأثيرات العمارة والفنون في العراق بشكل عام ، والمدن المقدسة على وجه الخصوص ، والنجف في مقدمتها . استعرض البحث بشكله العام معنى التراث وبعده الفني والانساني وما يمثله بالنسبة للشعب كذاكرة حية للفرد وللمجتمع تميّزه عن باقي الشعوب ، لارتباطه في وعيه بأبعاد حضارية وتاريخية ودينية وسياسية على حد سواء . وتطرق ايضا للحديث عن التّراث المعماري في مدينة النجف ، إذ وضح ان المدينة في خططها وعمارتها كواحدة من المدن التاريخية ذات النشأة الدينية كان عليها ان تستجيب الى مجموعة من الحاجات والعوامل التي اثرت في نمط التخطيط وشكل المدينة وطرز عمارة المباني فيها . مما منحها طعماً مميزاً تراوح بين الموروث العراقي الأصيل الضاربة جذوره في عمق التاريخ ، وما تم استعارته من طرز معمارية إسلامية مشرقية ، فضلاً عمّا تم الاستجابة له من ضرورات البيئة المحلية والموروث الاجتماعي والوضع الاقتصادي . ولغرض التعمق في الموضوع تم اختيارنا للبيت النجفي القديم كنموذج للعمارة المحلية ، لما يمتاز به من التكامل في العناصر التخطيطية والعمارية والانشائية .