دراسة مقارنة بين آراء شفيعي كدكني وأدونيس النّقديّة

إنّ أدونيس وشفيعي كدكني يعتبران من الشّعراء النّقّاد الّذين استطاعوا تأسيس نظرة جديدة ممزوجة من النّقد والشّعر بعد استيعابهم أفانين الشّعر العربي والفارسي. والمعروف أنّهما ذوا نزعات وآراء تبدو متشابهة حينا بل متضاربة أحايين أخري. والنّاقدان اهتمّا بالشّعر الحديث والعكوف علي كشف ملابساته المنطوية علي ماوراء اللّغة الضّاربة جذورها أحيانا في اللاّمعني الملتبس علي الكثير وتحليل مكوّناته وزنا وقافية إلي الموسيقي والصّور. كما أنّهما أقبلا علي دراسة الأدب الصّوفي لاحتوائه علي الكمّ الحافل بسمة التّغيير، الإبداع والثّورة النّابعة من صميمها وجعلاها نصب أعينهما حيث جعلت يختلف أحدهما عن الآخر. أمّا المفارقة بينهما ظاهريّا فتعود إلي إنتمائهما إلي مذهب أدبي يختلف عن الآخر. فشفيعي يلتزم بالشّكليّة الرّوسية وأدونيس يحذو حذو الحداثانيين. فهذا البحث يحاول دراسة آراء كلّ من النّاقدين معتمدا علي المنهج الوصفي - التّحليلي وفق المعايير الثّلاثة (دراسة الشّعر الحديث والصّوفية والمذهب الأدبي) وذلك بإتباع معايير الأدب المقارن. أمّا من أهمّ حصاد البحث فإنّ شفيعي يكون ملتزما بالصّوفية الإسلامية مؤمنا بضرورة حضور الولاية في التّجربة الصّوفية، إلّا أنّ أدونيس يبتعد عنها ويقترب من الّتي تشمّ منها رائحة السّرياليّة الوثنيّة، علما بأنّ الأخير يؤمن بالإمامة لإستمرار النّبوّة. كما أنّ النّاقدين توصّلا إلي العلاقة القائمة بين الشّعر الحديث وبين الفلسفة والميتافيزيقيا، إلّا أنّ أدونيس يري أنّ الاهتمام بالوزن خارجي سطحي، أمّا شفيعي فيري فيه تقنية لتنظيم مدي الحركات في الشّعر والتّبئير والتّضخيم لبعض المعاني. مع أنّ النّاقدين يبدوان مختلفين في انحيازهما الي المدرسة الأدبيّة إلا أنّهما مندفعان وراء غاية واحدة وهي التّغيير والإبداع في الشّعر وتغيير فكر الإنسان العربي والفارسي.