تجليات الميتاسرد في روايه بريد الليل لهدي بركات

اهتمت الكاتبه اللبنانيه هدي بركات اهتماماً بالغاً بتقنيه الميتاسرد في روايتها بريد الليل حيث تشكل هذه التقنيه عنصراً محورياً في تجربتها الروائيه وقد أسهم هذا العنصر إسهاماً واضحاً في تشكيل البني الفنيه المكوَّنه لنصها الروائي. بركات تجذب انتباه المتلقي برصد عوالم الكتابه الحقيقيه، والافتراضيه، والتخييليه من خلال حكايات أصحاب الرسائل الضائعه التي لاتصل إلي المرسَل إليهم والكاتبه تُدخل قارئها في لعبه الرسائل الخمس التي يكتبها أصحابها بتوظيف التداخل الميتاسردي، والبناء الميتاسردي، وميتاسرد الشخصيات، وميتاسرد القراءه والتلقي، والتناص الميتاسردي. وتقصد من استخدام هذه التقنيات التفاتَ انتباه المتلقي إلي أوضاع المهجرين والمغتربين السياسيه والاجتماعيه وتسليط الضوء علي علاقه الإنسان العربيّ بذاته وبوطنه وبباقي البلدان العربيّه، وطرح أسئله حول بعض قضايا العالم العربي كاللجوء والمنفي و التعذيب والاغتصاب ومصير الإنسان العربي المشرد في خيم اللجوء بشكل عام كما تدعو إلي حفظ كرامه الإنسان العربيّ التي نالت منها الحروب والأوضاع السياسيه المضطربه في كامل أنحاء العالم العربي. هذا والمنهج المتّبع في دراستنا هذه هو المنهج التفكيكي وذلك مستند علي ملامح الميتاسرديه في روايات مابعد الحداثه، لكي نتعرّف علي الأجواء الأدبيه المسيطره علي هذه الروايه والبواعث النفسيه المؤثره علي تجربه بركات الروائيه. إن أهم النتائج التي حصلنا عليها أن كاتبه بريد الليل تتوخي إدخال القاريء المفترض في نصها وتبحث من خلال تخطيب المخاطب عن التفاعل بين المؤلفه والقاريء لتحفيزه علي المشاركه في بناء روايتها. وهذا التفاعل يركز علي تكسير الإيهام بالواقعيه لإبعاد الوهم والاستلاب عن المتلقي من خلال كشف ذاتيه المؤلفه التي تختفي في أحداث الروايه، ولتحويل عالم الكتابه إلي موضوع للتخيل الإبداعي حتي تجاوز روايتها الواقعيه نحو التجريب والحداثه.