الأنماط الزمنية، مفارقاتها وجمالياتها في رواية وكان مساء لعبد الحميد جودة السحار

ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺴﺮد إﺣﺪي اﻟﺮﮐﺎﺋﺰ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻘﺼﺼﯿﺔ، واﻟﺰﻣﻦ ﯾﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺻﻔﺎﺗﻪ ﻋﻨﺎﺻﺮه اﻷﺻﻠﯿﺔ. ﻧﻈﺮﯾﺔ ﺟﯿﺮار ﺟﯿﻨﯿﺖ ﺣﻮل اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺮواﺋﻲ، ﺗﻌﺪ ﻣﻦ أ ﮐﻤﻞ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺴﺮدي اﻟﻬﺎم. ﺣﺴﺐ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﻧﺠﺪ ﻓﺮﻗﺎً ﺑﺎرزاً ﺑﯿﻦ زﻣﻦ اﻟﻘﺺ وزﻣﻦ اﻟﻨﺺ؛ ﺗﻘ ّﺴﻢ اﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺰﻣﻦ إﻟﯽ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻤﺎط رﺋﯿﺴﯿﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﯽ اﻟﺘﻮاﻟﻲ: اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ واﻟﻤﺪة واﻟﺘﻮاﺗﺮ. رواﯾﺔ وﮐﺎن ﻣﺴﺎء ﮐﺘﺒﻬﺎ ﻋﺒﺪاﻟﺤﻤﯿﺪ ﺟﻮدة اﻟﺴﺤﺎر، ﻣﻦ اﻟﺮواﺋﯿﯿﻦ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ اﻫﺘﻤﻮا ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ اﻟﺴﺮدي وﺗﻮﻇﯿﻔﻪ ﺑﺤﺴﺎﺳﯿﺔ ﮐﺒﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ. ﻫﺬا اﻟﺮواﺋﻲ ﯾﺴﺮد ﻓﻲ رواﯾﺘﻪ ﻫﺬه، اﻷﻓﮑﺎر واﻟﻬﻮاﺟﺲ واﻵﻻم واﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﻌﺎﻃﻔﯿﺔ واﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻓﺸﻞ ﻓﻲ ﺣﺒﻪ و ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯽ ﺣﺒﯿﺒﺘﻪ وﻓﻬﻮ ﯾﻠﻌﺐ دور اﻟﺮاوي واﻟﺒﻄﻞ أو اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ. ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﺮدﯾﺔ، ﻣﻦ اﻟﻀﺮوي أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﮐﺘﺒﺖ ﺑﺎﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺤﮑﺎﺋﯿﺔ اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ. ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت واﻟﺜﻨﺎﺋﯿﺎت اﻟﻌﺪﯾﺪة، ﻟﮑﻦ ﮐﯿﻔﯿﺔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﮑﺸﻮﻓﺔ؛ إذ ﻻﻧﺪري ﺑﻮﺿﻮح أ ﻫﻮ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺨﻄﻲ اﻟﻘﺪﯾﻢ أم ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ. ﺗﻬﺪف اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ دراﺳﺔ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ ﻓﻲ رواﯾﺔ وﮐﺎن اﻟﻤﺴﺎء ﻣﻦ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ وﺗﮑﺸﻒ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻟﯿﺎﺗﻬﺎ وﻣﻔﺎرﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻧﻈﺮﯾﺔ ﺟﯿﺮار ﺟﯿﻨﯿﺖ . أﻣﺎ ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻲ أن اﻟﮑﺎﺗﺐ ﯾﻨﺘﻤﻲ إﻟﯽ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ واﺳﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻷرﺿﯿﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺰﻣﻦ، ﻓﻬﻮ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻤﻔﺎرﻗﺎت اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﻤﺎﯾﺰة ﻋﺒﺮ ﺗﻮﻇﯿﻒ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ اﻟﺨﻄﻲ ﻟﺴﺮد أﺣﺪاث اﻟﺮواﯾﺔ وﮐﺬﻟﻚ اﺳﺘﻔﺎد ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺷﺮات اﻟﺰﻣﻨﯿﺔ اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﺪي ﻧﻤ َﻄﻲ اﻟﻤﺪة واﻟﺘﻮاﺗﺮ. ﮐﺬﻟﻚ اﻫﺘﻢ اﻟﺴﺤﺎر ﺑﮑﺴﺮ ﺣﺎﺟﺰ اﻟﺰﻣﻦ وﺗﺤﻄﯿﻤﻪ وﮐﺄﻫﻢ ﻣﯿﺰات اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ، ﻗﺪ ﻟﺠﺄ ﺑﻪ اﻟﺮواﺋﻲ ﻟﺘﻘﺪﯾﻢ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت واﻷﺣﺪاث وﮐﺬﻟﻚ ﻟﺨﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻖ وﻟﺘﻘﺪﯾﻢ اﻟﻌﻘﺪة واﻟﺤﻞ وﻟﺨﻠﻖ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻋﻠﯽ ﺻﻌﯿﺪ اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي. اﺿﺎﻓﺔ إﻟﯽ ذﻟﻚ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺴﺮد اﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻋﺒﺮ اﺳﺘﻌﺎرة ﺗﻘﻨﯿﺔ اﻹﺳﺘﺮﺟﺎع واﻹﺳﺘﺒﺎق.