تقنية قناع الشخصيّات التراثية وتوظيفه الدلاليّ في شعر سليمان العيسي

لتقنية قناع الشخصيّة قيمة فنيّة كبيرة؛ فتُكسِب ديناميّتها الرمزيّة والدراميّة في الأدب العربيّ الحديث لبنية ألفاظ الشعر العربيّ دلالات موحيةً غنيّةً بالشحنات التعبيريّة الإبداعيّة الّتي تقدر باكتساح حدود خطابات مباشرة قريبة من الواقع الملموس علي بناء موقف جديد مرتبط بقيم الشاعر وتقاليده. هذا القناع بوصفه تكنيكاً أدبيّاً متطوّراً من استدعاء الشخصيّات، يحمل في شعر سليمان العيسي عدّة تعابير ممنهجة متفاوتة ويجنح إلي التمازج بين ملابسات الزمنين الماضي والحاضر ليدفع الشاعر إلي التعبير عن الصراعات والتحديّات المعاصرة الغالبة علي عمق تجاربه ويفرضه علي ردود فعل مثيرة للخيال عن المواضيع الذاتيّة والاجتماعيّة في أرجائه، طبعاً مع الاستعانة بتقنيات مستهدفة تجعل خطابه معزولاً عن مجرّد سرد الأحداث الماضية واستحضار الشخصيّات المتتابعة علي طريقة وضعها في شعره اسماً هامشيّاً عابراً، بل يتقنّع بقناع الشخصيّات المختلفة أو يسعي أن يدنو من قناعها ليقيم من خلاله علامات متقاربةً بين نفسه والشخصيّات المستحضرة وأيضاً بين ظروف مجتمعه وأحداث المجتمع الماضي آنذاك. تحاول هذه الدراسة بنهجها نهجاً وصفيّاً - تحليليّاً أن تستكشف الجوانب الفنيّة والدلاليّة من قناع الشخصيّات التراثيّة في أعمال سليمان العيسي الشعرية ووصلت في حصيلتها إلي ألوان عديدة من توظيف قناع هذه الشخصيّات الّتي تمتّ بصلة وطيدة بالشؤون الدينيّة، والأدبيّة، والتأريخيّة، والشعبيّة، ويحدّد الشاعر لجميعها توظيفاً وأسلوباً خاصّاً يقدر ببساطة وسهولة أن يهدم جدار مسافات زمنيّة شاسعة سدّت بينه وبين الشخصيّات الأخري الّتي يستهدفها في شعره. يدلّ قناع الشخصيات الدينية في شعره علي التزامه الوثيق بالقيم الإسلامية السامية، ويحظي قناع الشخصيّات الأدبية في شعره بمدي مشابهة مطلقة يراها بينه وبين الشاعر المستحضر. يستفيد الشاعر من قناع الشخصيّات التأريخية ليعتبر بالنصرة والهزيمة من مصيرها، وينوي مغامرات الشخصيّات الشعبية ليكشف عن ظروف جديدة تشغر منها حياته الراهنة.