عوارض التركيب في بناء الجملة العربية (دراسة بلاغية وظيفية في القرآن الكريم في ضوء نظرية التواصل لرومان جاكبسون)

إنّ الأصل في الجملة العربية ذكرُ عناصرها الإسنادية وكذلك إظهار هذه العناصر ومراعاة رتبتها حتّى تحصل الإفادة من هذه العناصر. وهذه الإفادة هي التي تعبّر عنها المدارس اللسانية بالوظيفه. وقد يعدَل عن الذكر بالحذف، وعن الرتبة بين عناصر الجملة بالتقديم والتأخير، وهذا العدول عن الأصل هو الذي يسمَّى بعوارض التركيب. ونظرية التواصل اللغوي هي من أهم النظريات اللسانية الحديثه، ورومان جاكوبسون يعدّ المنظّر الحقيقي لها؛ حيث بينت هذه النظرية أنّ اللغة تقوم على ستة عناصر: المرسِل ووظيفتة تعبيرية، والمرسل إلية ووظيفتة إفهامية، والمرسَلة ووظيفتها شعرية، والقناة ووظيفتها انتباهية، والسياق ووظيفتة مرجعية، والرموز المشتركة ووظيفتها ماوراء اللغه. تناولنا في هذا البحث عارض التقديم والتأخير وعارض الحذف من خلال منهج وصفي تحليلي وحاولنا أن نطوّع أدوات نظرية التواصل ونصهرها ضمن النصّ القرآني المعجز وفق الشبكة التواصلية التي قدّرها جاكبسون من أجل تسليط الأضواء على محور التواصل الذي يتبنّاة كلٌ من علم المعاني ونظرية التواصل اللغوي وابراز الجوانب المشتركة لكلّ من هاتين الرؤيتين. وتوصلنا إلى أنّ كلّاً من عارضَي الحذف والتقديم يساهم بشكل أو بآخر في عملية التواصل اللغوي ويساعد على إيصال المعلومة أو الرسالة إلى المتلقّي بأحسن وجه، كما يتجلّى هذا الأمر بوضوح عند العرب خاصة في قضية مطابقة الكلام لمقتضى حال المخاطب، وهذا وجة من الوجوه المشتركة بين نظرية جاكبسون للتواصل والبلاغة العربية.