آليات الإقناع في خطب الحجّاج بن يوسف الثقفي (دراسة نقدية تحليلية)

لا تخلو حياة الإنسان من مواقف إقناعية تخضع لها عن وعي أو دون إراده منه. مع أنّ الخطابة وما يتبعها من إقناع قلّ أثرها إليوم ولكنّها في العصور الإسلاميه الأولي كانت تباري الشعر و ربّما تسبقه في التأثير على النّاس. نظراً إلى أنّ الحجّاج من أكبر خطباء العصر الأموي الذين تأتي خطبهم متماشية مع السّياسة الأموية، فمن الأهميه بمكان التعرّف على الآليات التي كان يرتكز عليها للتأثير على متلقّية. تأتي هذه الدّراسة مستندة على الدّراسات النقدية الاجتماعية الحديثة لدراسه عناصر الخطابه في خطب حجّاج بن يوسف الثقفي الذي ينصبّ عمله في إطار حفظ الدوله ‌الأمويه في ظروف حسّاسه كانت الحروب والفتن تحيط بها من كلّ جانب، فهذه الظروف كانت تتطلّب الكلام الصّلب الذي لا يعرف هواده ولا رحمه، ممّا نري آثاره في خطبة التي كتبت بأسلوب محكم يتّسم بقوة تأثيره على النّفس. وقد كان يتخذ فيها أسلوباً جديداً في الخطابة، بالتركيز على الأسس العاطفيه و الصّوتية و النفسية للجماعة التي كان يخاطبهم، مما يدلّ على براعته و ذكائه في التعرّف على نفسيه مخاطبية في الخطوه الأولي، وانتقاء الأسلوب الذي يناسبهم في الخطوه الثانيه. الأسلوب الذي يستند على أسس فنيه وعلميه كقوه الافتتاحيه والخاتمه وتلاؤمهما وتباين الأجزاء والانسجام بين مظهر الخطيب الصّلب و المفردات و الأصوات الصلبة و استمداد الآيات القرآنية و الأمثال و استخدام الأسئلة البلاغية، مما يدلّ على معرفته العميقة بنفسية متلقّية التي كانت تتطلّب الترهيب و الشدّه.