السنن الإلهية ودورها في انتصار الحركات الإسلامية من وجهة نظر قرآنية

مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. تحدَّث القرآن الكريم عن العديد من المصاديق التي تدل على وجود السنن الإلهية التي تخضع لحكمها تصرفات البشر وأفعالهم وسلوكهم ومواقفهم في الحياة الدنيا، وما يكونون عليه من أحوال وما يترتب على ذلك من نتائج، باعتبارهم أفرادًا وأممًا وجماعات. وإذا استقرأنا الآيات القرآنية المباركة نجدها تدعونا إلى الاهتداء بهذه السنن، ومعرفة الأطوار التاريخية التي مرَّت بها الأمم والدول في تقلّباتها ومصائرها، والسنن الإلهية التي حاقت بها؛ لنتمكن من تفسير الأحداث تفسيرًا ينفعنا في معرفة تاريخنا، وتقييم حاضرنا، والتطلع إلى بناء مستقبلنا. والسنن الإلهية في الحياة الإنسانية تَتَّسم بالثبات والشمول والصرامة، فلا تحابي فردًا على حساب فرد، ولا مجتمعًا على حساب مجتمع آخر، كما أنَّها دقيقة كل الدقة ومطَّردة بشكل منتظم، لا تحيد ولا تميل، ولا تتأثر بالأماني وإنَّما بالأعمال. ومن هنا تأتي أهمية ربط الحركات الإسلامية بالاستقامة والثبات والعمل والتخطيط والنظام والانضباط والإتقان والتوكل على الله الذي ينجم عنه انتصار هذه الحركات وخسارة الكافرين، قال تعالى: ﴿سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾(غافر/85). على هذا الأساس دعت الضرورة لدراسة السنن الإلهية الموجودة في القرآن الكريم وفهمها؛ إذ أنَّ دراستها وفهمها يؤدي إلى التعرُّف على كيفية انتصار الحركات الإسلامية على الأعداء الظلمة والطواغيت والمستكبرين وأتباعهم المنافقين والمفسدين. إنَّ أهمية هذا الموضوع دعتني إلى كشف العلاقة بين السنن الإلهية وانتصار الحركات الإسلامية من خلال هذا البحث الذي يتكون من الفصول الثلاثة التالية: الفصل الأول: نظرة عامة على مفهوم السنن الإلهية. الفصل الثاني: السنن الإلهية المؤدية إلى انتصار الحركات الإسلامية. الفصل الثالث: الآثار السلبية لبعض السنن على انتصار الحركات الإسلامية. أسأل الله تعالى أن يجعل هذا الجهد خالصًا لوجه الله العلي العظيم، وخدمة للوحي المنزل كتاب الله الكريم، كما أسأله التوفيق والنجاح ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾(هود: 88). الكلمات الأساسية: سُنَّة الله، الثبات، التحول والتبدل، الحركات الإسلامية، الانتصار.